فإذا اقتنيت من الزجاجة قابلا ... للكسر فانكسرت فلا تك مكمدا
وأنشدني بعض أهل العلم لسعيد بن مسلم:
إنما الدنيا هبات ... وعوار مستردّه
شدّة بعد رخاء ... ورخاء بعد شدّة
ولما قتل بزرجمهر وجد في جيب قميصه رقعة فيها مكتوب: إذا لم يكن جدّ فيهم الكدّ وإن لم يكن للأمر دوام ففيم السرور وإذا لم يرد اللّه دوام ملك ففيم الحيلة وقال ابن الرومي:
رأيت حياة المرء رهنا بموته ... وصحته رهنا كذلك بالسقم
إذا طاب لي عيش تنغص طيبه ... بصدق يقيني أن سيذهب كالحلم
ومن كان في عيش يراعي زواله ... فذلك في بؤس وان كان في نعم
ومنها أن يتصوّر انجلاء الشدائد وانكشاف الهموم وإنها تتقدر بأوقات لا تنصرم قبلها ولا تستديم بعدها فلا تقصر بجزع ولا تطول بصبر وإن كان كل يوم يمرّ بها يذهب منها بشرط ويأخذ منها بنصيب حتى تنجلي وهو عنها غافل. وحكي أن الرشيد حبس رجلا ثم سأل عنه بعد زمان فقال للموكل به: قل له كل يوم يمضي من نعيمك يمضي من بؤسي مثله والأمر قريب والحكم للّه تعالى فأخذ هذا المعنى بعض الشعراء فقال:
لو أن ما أنتمو فيه يدوم لكم ... ظننت ما أنا فيه دائما أبدا
لكنني عالم أني وأنكم ... سنستجد خلاف الحالتين غدا
وأنشد لبعض الشعراء:
عواقب مكروه الأمور خيار ... وأيام ضرّ لا تدوم قصار
وليس بباق بؤسها ونعيمها ... إذا كرّ ليل ثم كرّ نهار
وأنشد عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه حين حضرته الوفاة: