إن الأمور إذا سدّت مطالبها ... فالصبر يفتق منها كل ما ارتتجا
لا تيأسنّ وإن طالت مطالبه ... إذا استعنت بصبر أن ترى فرجا
أخلق بذي الصبر أن يحظى بحاجته ... ومدمن القرع للأبواب أن يلجا
والقسم السادس الصبر على ما نزل من مكروه أو حل من أمر مخوف فبالصبر في هذا تنفتح وجوه الآراء وتستدفع مكايد الأعداء فإن من قل صبره عزب رأيه واشتد جزعه فصار صريع همومه وفريسة غمومه. وقد قال اللّه تعالى: وَاصْبِرْ عَلى ما أَصابَكَ إِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ
وروي عن ابن عباس رضي اللّه عنهما عن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم أنه قال: «إن استطعت أن تعمل للّه بالرضا في اليقين فافعل وإن لم تستطيع فاصبر فإن في الصبر على ما تكره خيرا كثيرا واعلم أن النصر مع الصبر والفرج مع الكرب واليسر مع العسر» وقال علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه: الصبر مستأصل الحدثان والجزع من أعوان الزمان. وقال بعض الحكماء: بمفتاح عزيمة الصبر تعالج مغاليق الأمور. وقال بعض البلغاء: عند انسداد الفرج تبدو مطالع الفرج. وروى ابن عباس رضي اللّه عنهما أن سليمان بن داود عليهما السلام لما استكدّ شياطينه في البناء شكوا ذلك إلى إبليس لعنه اللّه فقال: الستم تذهبون فرغا وترجعون مشاغيل قالوا بلى قال: ففي ذلك راحة فبلغ ذلك سليمان على نبينا وعليه السلام فشغلهم ذاهبين وراجعين فشكوا ذلك إلى إبليس لعنه اللّه فقال: ألستم تستريحون بالليل قالوا بلى قال: ففي هذا راحة لكم نصف دهركم فبلغ ذلك سليمان عليه السلام فشغلهم بالليل والنهار فشكوا ذلك إلى إبليس لعنه اللّه فقال: الآن جاءكم الفرج فما لبثوا أن أصيب