قوله: (مؤوّل) أي كما أول قوله صلى الله عليه وسلّم لعائشة: «لَوْلاَ قَوْمُكِ حَديثُو عَهْدٍ بِكُفْرٍ لَبَنَيْتُ الكَعْبَةَ عَلَى قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيمَ»(2) بأنه مروي بالمعنى، والمشهور في الروايات: لولا حدثان عهد قومك، لولا حداثة عهد قومك، لو لا أن قومك حديثو عهد إلخ. ولحنوا المعري في بيته الآتي ورد عليهم بأن ذلك يرفع الوثوق بالأحاديث ويسد باب الاحتجاج بها مع أن الأصل عدم التبديل لتحرّيهم في نقلها بأعيانها، وتشديدهم في ضبطها، ومن جوز الرواية بالمعنى معترف بأنه خلاف الأولى، وغلبة الظن كافية في الأحكام الشرعية فضلاً عن النحوية على أن الأحاديث دونت في الصدر الأول قبل فساد اللغة فغايته إبدال لفظ يحتج به بآخر كذلك، وبعد تدوينها لا يجوز تبديلها بلا خلاف كما قاله ابن الصلاح فبقي الحديث حجة في بابه، وكيف يلحنون المعري مع ورود مثله في الشعر الموثوق به كبيت الشارح؟ وقوله:
لَوْلا زُهَيْرُ جَفَانِي كُنْتُ معْتَذِراً
وَلَوْلاَ الشِّعرُ بِالعُلَمَاءِ يُزْري
وكان يغنيهم عن تلحينه جعل يمسكه بدل اشتمال من الغمد على أن الأصل أن يمسكه فحذفت أن وارتفع الفعل، والخبر محذوف أي موجود، ويمكن هذا التأويل في هذين البيتين، وكذا الحديث، ولا يجوز جعل يمسكه حالاً من الخبر المحذوف لامتناع ذكر الحال أيضاً عند هؤلاء لكونه خبراً في المعنى كما نقله في المغني عن الأخفش، وبهذا يبطل جعل قبله في بيت الشارح حالاً فتدبر.
---