كَلَامِ الْإِمَامِ عَلِيٍّ فِي رِثَاء فَاطِمَةَ الزَّهْرَاءِ عِنْد الِانْتِهَاء مِن دَفْنُهَا .
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ قَالَ : لِمَا قَبَضْت فَاطِمَةُ عَلَيْهَا السَّلَامُ دَفْنُهَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ سِرًّا وَعَفَا عَلَى مَوْضِعِ قَبْرِهَا ، ثُمَّ قَامَ فَحَوَّلَ وَجْهَهُ إلَى قَبْرٍ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ فَقَال : السَّلَامُ عَلَيْك يَا رَسُولَ اللَّهِ عَنِّي ، وَالسَّلَامُ عَلَيْكَ عَن ابْنَتَك وزائرتك والبائتة فِي الثَّرَى ببقعتك و الْمُخْتَار اللَّهُ لَهَا سُرْعَة اللَّحَاقِ بِكَ ، قُلْ يَا رَسُولَ اللَّهِ عَنْ صفيتك صَبْرِي وَعَفَا عَنْ سَيِّدِهِ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ تجلدي ، إلَّا أَنْ لِي فِي التَّأَسِّي بِسُنَّتِك فِي فرقتك مَوْضِع تُعِزّ ، فَلَقَد وسدتك فِي ملحودة قَبْرَك وَفَاضَت نَفْسِك بَيْن نَحْرِي وَصَدْرِي ، بَلَى وَفِي كِتَابِ اللَّهِ [لي] أَنْعَم الْقَبُول ، إنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إلَيْهِ رَاجِعُونَ ، قَد اسْتَرْجَعْت الْوَدِيعَة وَأُخِذَت الرَّهينَة وأخلست الزَّهْرَاء ، فَمَا أَقْبَح الْخَضْرَاء وَالْغَبْرَاء يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَمَّا حُزْنِي فسرمد و أَمَّا لَيْلِي فمسهد وَهُمْ لَا يَبْرَحُ مِنْ قَلْبِي أَوْ يَخْتَارَ اللَّهُ لِي دَارِك الَّتِي أَنْتَ فِيهَا مُقِيمٌ ، كَمَدّ مقيح ، وَهُم مُهَيِّجٌ سُرْعَانَ مَا فَرَّقَ بَيْنَنَا وَإِلَى اللَّهِ أَشْكُو وستنبئك ابْنَتَك بتظافر أُمَّتُكَ عَلَى هَضْمُها فأحفها السُّؤَال واستخبرها الْحَال ، فَكَمْ مِنْ غَلِيل معتلج بِصَدْرِهَا لَمْ تَجِدْ إلَى بَثَّه سَبِيلًا ، وستقول وَيُحْكَم اللَّهَ وَهُوَ خَيْرٌ الْحَاكِمِينَ . سَلَام مُودَعٌ لَا قَالَ وَلَا سَئِم ، فَإِنْ انْصَرَفَ فَلَا عَن مَلَالَة ، وَإِن أَقِم فَلَا عَنْ سُوءِ ظَنٍّ بِمَا وَعَدَ اللَّهُ الصَّابِرِين ، وَاه وَاهًا وَالصَّبْر أَيْمَن وَأَجْمَل ، وَلَوْلَا غَلَبَة الْمُسْتَوْلِين لَجَعَلْت الْمَقَام وَاللُّبْث لِزَامًا مَعْكُوفًا وَلَا عَوَّلْت إِعْوال الثَّكْلَى عَلَى جَلِيلٌ الرَّزِيَّة ، فبعين اللَّه تُدْفَن ابْنَتَك سِرًّا وَتَهْضِم حَقِّهَا وَتَمْنَع إرْثِهَا وَلَمْ يَتَبَاعَدْ الْعَهْد وَلَمْ يُخْلَقْ مِنْك الذَّكَر وَإِلَى اللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ الْمُشْتَكَى وَفِيك يَا رَسُولَ اللَّهِ أَحْسَنُ الْعَزَاء صَلَّى اللَّهُ عَلَيْك وَعَلَيْهَا السَّلَام وَالرِّضْوَان .أصول الكافي : ج 1 ص 530 باب 171.