واقعة الخندق وبطولة علي بن ابي طالب عليه السلام - انما المؤمنون اخوة -->
انما المؤمنون اخوة انما المؤمنون اخوة
test banner

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

واقعة الخندق وبطولة علي بن ابي طالب عليه السلام


واقعة الخندق :
أمّا واقعة الخندق فهي واقعة الأحزاب ، سمّيت بذلك لتحزّب القبائل على حرب رسول الله صلى الله عليه واله ، وقد ضاق منها المسلمون ذرعا وساد فيهم الرعب والخوف ، وذلك لقوّة المشركين وانضمام اليهود إليهم ، فقد كان عددهم عشرة آلاف مقاتل وعدد جيش المسلمين ثلاثة آلاف مقاتل ، وقد حكى القرآن الكريم مدى الفزع الذي أصاب المسلمين من أعدائهم قال تعالى : ( إِذْ جاؤُكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زاغَتِ الْأَبْصارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَناجِرَ ) [1] ، وقد كتب الله تعالى النصر للإسلام على يد الإمام أمير المؤمنين عليه السلام ، فهو الذي أحرز الفتح المبين ... ونقدّم عرضا موجزا لهذه الواقعة التي خاضها الإمام عليه السلام.
[1] الأحزاب 33: 10.

حفر الخندق :
ولمّا علم النبيّ صلى الله عليه واله خروج القرشيّين وقبائل غطفان لحربه جمع أصحابه وأحاطهم علما بالأمر ، وطلب منهم اتّخاذ أهمّ وسيلة لصدّ العدوان عن المسلمين ، فأشار عليه الصحابي الجليل سلمان المحمّدي بحفر الخندق حول المدينة ليمنع من وصول العدو لهم ، واستصوب النبيّ صلى الله عليه واله هذا الرأي ، وقام مع أصحابه بحفر الخندق.

مبارزة الإمام لعمرو :
وضاقت القبائل القرشية ذرعا من هذه المناوشات التي لم يحرزوا فيها نصرا ، والتمسوا منهم مكانا ضيّقا ، فأقحموا خيولهم فيه وعبروا الخندق ، كان منهم عمرو ابن عبد ودّ فارس قريش في الجاهلية وفارس كنانة ، وهو مدجّج بالسلاح كأنّه القلعة فوق جواده ، واهتزّت الأرض من تيهه وزهوه وقوّة بدنه ، وساد الوجوم بين المسلمين وعمّ فيهم الرعب وتهيّبوه ، وجعل يصول ويجول أمامهم محتقرا لهم وقد رفع صوته قائلا :

يا رجال محمّد ، هل من مبارز؟

وخلعت قلوب المسلمين ، فكان كالصاعقة عليهم.

وهتف ثانيا :

ألا رجل يبارز؟

ولبّى نداءه حامي الإسلام وبطل المسلمين الإمام أمير المؤمنين عليه السلام قائلا :

« أنا له يا رسول الله ... »!

وكان الرسول صلى الله عليه واله ضنينا على ابن عمّه ، فقال للإمام :
« إنّه عمرو ».

وجلس الإمام عليه السلام ممتثلا لأمر النبيّ صلى الله عليه واله ، وعاد عمرو ساخرا من المسلمين قائلا لهم :

يا أصحاب محمّد ، أين جنّتكم التي زعمتم أنّكم داخلوها إذا قتلتم؟

ألا يريدها رجل منكم؟

ولم يستجب أحد من المسلمين لنداء عمرو سوى الإمام ، فأخذ يلحّ على النبيّ أن يأذن له ، فأذن له النبيّ بعد إصراره وإلحاحه.

وقلّده الرسول وساما من أعظم الأوسمة التي تقلّدها الإمام حين قال صلى الله عليه واله :

« برز الإيمان كلّه إلى الشّرك كلّه ».

يا لها من كلمة خالدة ، فقد حدّدت الإمام بالإيمان بجميع رحابه ومفاهيمه ، فهو الذي يحكيه. ورفع النبيّ صلى الله عليه واله يديه بالدعاء مبتهلا إلى الله تعالى قائلا :

« اللهمّ إنّك أخذت منّي حمزة يوم أحد ، وعبيدة يوم بدر ، فاحفظ اليوم عليّا ... ربّ لا تذرني فردا وأنت خير الوارثين ... ».

وبرز الإمام مزهوا لم يخالجه رعب ولا خوف من عمرو بن عبد ودّ ، وعجب عمرو من جرأة هذا الفتى وإقدامه على مناجزته ، فقال له :

من أنت؟

فأجابه الإمام ساخرا منه :

« أنا عليّ بن أبي طالب ».

فأشفق عليه عمرو وقال له :

قد كان أبوك صديقا لي.

ولم يحفل الإمام بصداقة عمرو لأبيه وراح يقول له :

« يا عمرو ، إنّك عاهدت قومك ألاّ يدعوك رجل من قريش إلى خلال ثلاث إلاّ أجبته؟ ... ».

نعم ، هذا عهدي.

« إنّي أدعوك إلى الإسلام ... ».

وضحك عمرو وقال للإمام بسخرية :

أأترك دين آبائي ، دع هذا عنك ..

« أكفّ يدي عنك فلا أقتلك وترجع؟ ».

وغضب عمرو وعجب من جرأة هذا الفتى عليه وقال له :

إذن تتحدّث العرب عن فراري ..

وعرض الإمام عليه الأمر الثالث فقال له :

« إنّي أدعوك إلى النّزال؟ » [1].
[1] مستدرك الحاكم 3 : 32.

وعجب عمرو من جرأة الفتى وبسالته ، فنزل عن فرسه واستلّ سيفه وضرب رأس الإمام ، فاستقبلها بدرقته فقدّها ونفذ السيف إلى رأس الإمام فشجّه ، وأيقن المسلمون أنّ الإمام قد لاقى مصيره ، ولكن الله تعالى نصره وحماه ، فقد ضرب عمروا ضربة هدّته وسقط إلى الأرض يخور بدمه كما يخور الثور عند ذبحه .. وكبّر الإمام عليه السلام، وكبّر المسلمون ، فقد انقصم ظهر الشرك وتفلّلت قواه ، وأحرز الإسلام النصر الحاسم على يد إمام المتّقين وبطل الإيمان ، وراح النبيّ صلى الله عليه واله يقلّده وساما مشرقا باقيا على امتداد التاريخ قائلا :
« لمبارزة عليّ بن أبي طالب لعمرو بن عبد ودّ يوم الخندق أفضل من أعمال أمّتي إلى يوم القيامة » [2].
[2] تاريخ بغداد 13 : 19.

وقال الصحابي الجليل حذيفة بن اليمان :
( لو قسّمت فضيلة عليّ بقتل عمرو يوم الخندق بين المسلمين أجمعهم لوسعتهم) [1].[1] رسائل الجاحظ : 60.

وقال عبد الله بن عباس في تفسير قوله تعالى :
 ( وَكَفَى اللهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتالَ ) [1] [1الأحزاب 33: 25.
قال : كفاهم بعليّ بن أبي طالب. [2]
[2] موسوعة الإمام أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام: 2/37.

 وبكت قريش عمرو بن عبد ودّ لأنّ قتله كان هزيمة لهم ، وقد رثاه سافح بن عبد مناف بن زهرة بقوله :

عمرو بن عبد كان أوّل فارس    جزع المزار وكان فارس يليل

سمح الخلائق ماجد ذو مرّة    يبغي القتال بشكة لم ينكل

واعتزّت اخت عمرو بالإمام قاتل أخيها لأنّه البطل الأوّل قي الجزيرة ، ولو كان قاتله غير الإمام لحزنت عليه كأشدّ ما يكون الحزن قالت :

لو كان قاتل عمرو غير قاتله     لكنت أبكى عليه آخر الأبد

لكن قاتله من لا يعاب به        من كان يدعى قديما بيضة البلد [3]
[3] أمالي المرتضى 2 : 7 ـ 8.

وقتل الإمام عليه السلام بطلا آخر من قريش وهو نوفل بن عبد الله ، وسبّب ذلك هزيمة كبرى لقريش ، وراح النبيّ صلى الله عليه واله يقول له :

« الآن نغزوهم ولا يغزوننا » [4].
[4] أعيان الشيعة 3 : 113.

وولّت قريش منهزمة على أعقابها تجرّ رداء الخيبة والخسران ، قد منيت بهزيمة ساحقة ولم تربح أي شيء في هذه المعركة ولم يخسر المسلمون فيها شيئا. حياة الرسول الاكرم محمد صلى الله عليه واله باقر القرشي: ج 3 ص 82 - 89.

التعليقات



إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

عن الموقع

author انما المؤمنون اخوة  إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون تعليل لإقامة الإصلاح بين المؤمنين إذا استشرى الحال بينهم فالجملة موقعها موقع العلة وقد بني هذا التعليل ...

معرفة المزيد ←

زوار المدونة

احصاءات المدونة

جميع الحقوق محفوظة

انما المؤمنون اخوة

2020