مَكَارِم أَخْلَاقِه وَسِيرَة وَسُنَنُه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ
( فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ۖ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ۖ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ ). العمران 3 : 159.1 - عَنْ مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ آبَائِهِ عَلَيْهِم السَّلَامُ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَال : أَنَّ يَهُودِيًّا كَانَ لَهُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ دَنَانِير فَتَقَاضَاه فَقَالَ لَهُ : يَا يَهُودِيُّ مَا عِنْدِي مَا أُعْطِيك فَقَال : فَإِنِّي لَا أُفَارِقُكَ يَا مُحَمَّدُ حَتَّى تقضيني ، فَقَال : إذَا اجْلِس مَعَك ، فَجَلَسَ مَعَهُ حَتَّى صَلَّى فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ الْآخِرَة وَالْغَدَاة ، وَكَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ يتهددونه ويتواعدونه ، فَنَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ إلَيْهِمْ فَقَالَ : مَا الَّذِي تَصْنَعُونَ بِه ؟ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ يَهُودِيٌّ يَحْبِسُك ؟ فَقَال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ : لَم يَبْعَثَنِي رَبِّي عزوجل بِأَن أَظْلَم مُعَاهَدًا وَلَا غَيْرِهِ ، فَلَمَّا عَلَا النَّهَارِ قَالَ الْيَهُودِيُّ : أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، وَشَطْر مَالِي فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، أَمَا وَاَللّهِ مَا فَعَلْت بِك الَّذِي فَعَلْت إلَّا لَأَنْظُرُ إلَى نَعْتِك فِي التَّوْرَاةِ ، فَإِنِّي قَرَأْت نَعْتِك فِي التَّوْرَاةِ : مُحَمَّدُ بْنُ عَبْداللَّه مَوْلِدُهُ بَمَكَّةَ ومهاجره بِطِيبَة ، وَلَيْس بِفَظٍّ وَلَا غَلِيظٍ وَلَا سخاب ، وَلَا مُتَزَيَّنٌ (1) بِالْفُحْش ، وَلاَ قَوْلِ الخنآء ، وَأَنَا أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ ، وَأَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ ، وَهَذَا مَالِي ، فَاحْكُم فِيهِ بِمَا أُنْزِلَ اللَّهُ ، وَكَان الْيَهُودِيّ كَثِيرُ الْمَالِ ، ثُمَّ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ : (2) كَانَ فِرَاشَ رَسُولِ اللَّهِ ( صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) عَبَاءَة ، وَكَانَت مرفقته أَدَمٍ حَشْوُهَا لِيفُ ، فثنيت لَهُ ذَاتُ لَيْلَةٍ ، فَلَمَّا أَصْبَحَ قَالَ : لَقَد مَنَعَنِي الْفِرَاش اللَّيْلَة الصَّلَاة ، فَأَمَر عليهالسلام أَنْ يَجْعَلَ بطاق وَاحِد .الْأَمَالِي : 279 .
(1) وَلَا صَخَّابٍ ، وَلَا مترين خ ل .
(2) فِي الْمَصْدَرِ : ثُمَّ قَالَ عَلِيٌّ عليهالسلام .
2 - عَنْ الرِّضَا ، عَنْ آبَائِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَال : قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ : كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ فِي حَفْرِ الْخَنْدَقِ إذْ جَاءَتْ فَاطِمَةُ وَمَعَهَا كَسِيَرِه مِنْ خُبْزٍ فَدَفَعَتْهَا إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ : مَا هَذِهِ الكسيرة ؟ قَالَت : خبزته قُرْصًا (1) لِلْحَسَن وَالْحُسَيْن جِئْتُك مِنْهُ بِهَذِهِ الكسيرة ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ : يَا فَاطِمَةُ إِمَّا إِنَّهُ أَوَّلُ طَعَامٍ دَخَل جَوْف أَبِيك مُنْذُ ثَلَاثٍ (٤) .
صَحِيفَةٌ الرِّضَا :15 .
(1) فِي الْمَصْدَرِ : قَالَت : خُبْز اخبزته لِلْحَسَن . وَفِي الْعُيُونِ : قُرْصًا خبزتها .
بَيَان : أَكَل الْعَبْد : الْأَكْلِ عَلَى الْأَرْضِ كَمَا مَرَّ ، وَجُلُوس الْعَبْد : الْجُلُوسِ عَلَى الرُّكْبَتَيْنِ .
4 - عَنْ أَبِي جَعْفَرٍعَلَيْهِ السَّلَامُ قَال : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ يَأْكُل أَكَل الْعَبْد ، وَيَجْلِسُ جِلْسَةً الْعَبْد ، وَكَانَ يَأْكُلُ عَلَى الحَضِيض ، وَيَنَامُ عَلَى الحَضِيض . الْمَحَاسِن.
5 - عَنِ الْحَسَنِ الصَّيْقَل قَال : سَمِعْتُ أَبَا عَبْداللَّه عَلَيْهِ السَّلَامُ يَقُول : مَرَّتْ اِمْرَأةٌ بدوية (1) بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَهُوَ يَأْكُلُ وَهُوَ جَالِسٌ عَلَى الحَضِيض ، فَقَالَت : يَا مُحَمَّدُ وَاللَّهِ إنّك لِتَأْكُل أَكَل الْعَبْد ، وَتَجْلِس جُلُوسِه ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ : وَيْحَك أَيْ عَبْدُ أَعْبُد مِنِّي ؟ قَالَت : فَنَاوَلَنِي لُقْمَةٌ مِنْ طَعَامِك ، فَنَاوَلَهَا ، فَقَالَت : لَا وَاَللّهِ إِلَّا الَّتِي فِي فَمَك (2) ، فَأَخْرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ اللُّقْمَةِ مِنَ فَمِهِ فَنَاوَلَهَا ، فَأَكَلَتْهَا ، قَال أبوعبدالله عليهالسلام : فَمَا أَصَابَهَا دَاءٌ حَتَّى فَارَقَتْ الدُّنْيَا (3) .مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ :15 .
(1) بَذِيَّة خ ل .
(2) فِي الْمَصْدَرِ : فِي فِيكَ ، وَفِي الكافى : إلَّا الَّذِي فِي فِيكَ .
(3) حَتَّى فَارَقَتْ الدُّنْيَا رُوحِهَا خ ل .
6 - رُوِيَ عَنْ الصَّادِقِ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) أَقْبَلَ إِلَى الْجِعْرَانَةِ (1) فَقَسَم فِيهَا الْأَمْوَال ، وَجَعَلَ النَّاسُ يَسْأَلُونَه فَيُعْطِيهِم حَتَّى ألجؤوه إلَى الشَّجَرَةِ ، فَأَخَذْت بُرْدَة وخدشت ظَهْرَهُ حَتَّى جَلْوَة عَنْهَا وَهُم يَسْأَلُونَه ، فَقَال : أَيُّهَا النَّاسُ رُدُّوا عَلَيَّ بَرْدِيّ ، وَاَللّهِ لَوْ كَانَ عِنْدِي عَدَدُ شَجَرِ تِهَامَةَ نَعَمًا لَقَسَمْتُهُ بَيْنَكُمْ ، ثُمَّ مَا أَلْفَيْتُمُونِي جَبَانًا وَلَا بَخِيلًا ، ثُمَّ خَرَجَ مِنْ الْجِعْرَانَةِ فِي ذِي الْقَعْدَةِ ، قَال : فَمَا رَأَيْتُ تِلْكَ الشَّجَرَةِ إلّا خَضْرَاء كَأَنَّمَا يُرَشُّ عَلَيْهِ الْمَاءَ .
وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى : حَتَّى اِنْتَزَعَتِ الشَّجَرَةُ رِدَائِه ، وخدشت الشَّجَرَة ظَهْرِه (2) . بحار الانوار : ج 16 ص 226.
بَيَان : قَالَ الْجَوْهَرِيُّ : جلوا عَنْ أَوْطَانِهِمْ وجلوتهم أَنَا ، يَتَعَدَّى وَلَا يَتَعَدَّى .
(1) الْجِعْرَانَة بِكَسْرِ أَوَّلِهِ ، وَسُكُون الثَّانِى ، وَقَد يَكْسِر وَيُشَدِّد الرَّاء : هِى مَاءٌ بَيْنَ الطَّائِف و مَكَّة ، وَهِيَ إلَى مَكَّةَ أَقْرَب ، قِيل : هِيَ مِنْ مَكَّةَ عَلَى بَرِيد مِنْ طَرِيقِ الْعِرَاقِ .
(2) لَمْ نَجِدْ الْحَدِيثَ فِي الخرائج الْمَطْبُوع ، وَذَكَرْنَا قَبْلَ ذَلِكَ كرارا أَنَّ نُسْخَةَ خرائج الْمُصَنِّف كَانَت تَتَفَاوَت مَع الْمَطْبُوع .