[ فِي جُلُوسِهِ صلىاللهعليه وآله وَأَمَرَ أَصْحَابَهُ فِي آدَابِ الْجُلُوسِ ]
وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وسلم يُؤْتَى بِالصَّبِيّ الصَّغِير لَيَدْعُو لَهُ بِالْبَرَكَةِ ، أَو يُسَمِّيه ، فَيَأْخُذُهُ فَيَضَعُهُ فِي حِجْرِهِ تَكْرِمَة لِأَهْلِه ، فَرُبَّمَا بَال الصَّبِيُّ عَلَيْهِ فيصيح بَعْضُ مَنْ رَآهُ حِين يَبُول فَيَقُول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وسلم لَا تَزْرِمُوا بِالصَّبِيّ [1] فيدعه حَتَّى يَقْضِيَ بَوْلِه ، ثُمَّ يُفْرِغُ لَهُ مِنْ دُعَائِهِ أَو تَسْمِيَتِه وَيَبْلُغ سُرُور أَهْلِهِ فِيهِ وَلَا يَرَوْنَ أَنَّهُ يتاذي بِبَوْل صبيهم فَإِذَا انْصَرَفُوا غَسْلُ ثَوْبِهِ بَعْدَه . [1] زَرِمَ الْبَوْل : انْقَطَع . وَلَا تَزْرِمُوا : يَعْنِي لَا تَقْطَعُوا بَوْلِه .
وَدَخَلَ عَلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وسلم رَجُلٌ الْمَسْجِدَ وَهُوَ جَالِسٌ وَحْدَه فتزحزح لَه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وسلم فَقَالَ الرَّجُلُ : فِي الْمَكَانِ سَعَةٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، فَقَال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وسلم: أَنَّ حَقَّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ إذَا رَآهُ يُرِيدُ الْجُلُوسَ إلَيْهِ أَنْ يَتَزَحْزَح لَه .
وَرُوِيَ إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وسلم قَال : مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُمَثِّلَ لَهُ الرِّجَالُ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ .
وَقَال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وسلم : لَا تَقُومُوا كَمَا يَقُومُ الْأَعَاجِمُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَتَخَلَّل عَنْ مَكَانِهِ .
رُوِيَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مِنْ كِتَابِ الْمَحَاسِن قَال : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وسلم إذَا دَخَلَ مَنْزِلًا قَعَدَ فِي أَدْنَى الْمَجْلِسِ حِينَ يَدْخُلُ .
وَرُوِيَ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَال : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وسلم أَكْثَرَ مَا يَجْلِسُ تُجَاهَ الْقِبْلَةِ .
وَرُوِيَ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وسلم قَال : إذَا أَتَى أَحَدُكُمْ مَجْلِسًا فَلْيَجْلِس حَيْثُ مَا انْتَهَى مَجْلِسِه .
وَرُوِيَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وسلم قَال : إذَا قَامَ أَحَدُكُمْ مِنْ مَجْلِسِهِ مُنْصَرِفًا فَلْيُسَلِّمْ فَلَيْسَتْ الْأُولَى بِأَوْلَى مِنْ الْأُخْرَى .
وَرُوِيَ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ قَالَ : إذَا قَامَ أَحَدُكُمْ مِنْ مَجْلِسِهِ ثُمَّ رَجَعَ فَهُوَ أَوْلَى بِمَكَانِه .
وَرُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وسلم أَنَّهُ قَالَ : أُعْطُوا الْمَجَالِسَ حَقَّهَا قِيل : وَمَا حَقُّهَا ؟ قَال : غُضُّوا أَبْصَارَكُمْ وَرَدُّوا السَّلَام وأرشدوا الْأَعْمَى وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَوْا عَنْ الْمُنْكَرِ ؟
عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وسلم إذَا جَلَسَ جَلَس القرفصاء [2] . [2] القرفصاء مَمْدُودًا ، وَمُثَلَّثَة الْقَاف وَالْفَاء : أَنْ يَجْلِسَ الرَّجُلُ عَلَى أَلْيَتَه ، وَيُلْصِق فَخِذَيْه بِبَطْنِه ، ويحتبي بِيَدَيْه ، وَيَضَعَهُمَا عَلَى سَاقَيْهِ ، أَوْ يَجْلِسُ عَلَى رُكْبَتَيْهِ مُنْكَبًّا ، وَيُلْصِقُ بَطْنَهُ بِفَخِذَيْهِ ، ويتأبط كَفَّيْه .
مِنْ كِتَابِ الْمَحَاسِن كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وسلم يَجْلِس القرفصاء وَهُوَ أَنْ يُقِيمَ سَاقَيْه ويستقلهما بِيَدَيْه فَيُشَدّ يَدَهُ فِي ذِرَاعَيْهِ وَكَانَ يجثوا عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَكَان يُثَنِّي رَجُلًا وَاحِدًا وَيَبْسُط عَلَيْهَا الْأُخْرَى ، وَلَمْ يَرَ مُتَرَبِّعًا قَطّ وَكَان يجثوا عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَلا يَتَّكِئُ [3] .
[3] جَثَا فُلَان كَرَمَى وَدَعَا : جَلَسَ عَلَى رُكْبَتَيْهِ ، أَوْ قَامَ عَلَى أَطْرَافِ الْأَصَابِعِ . مكارم الاخلاق : 25 - 26 .