الدُّعَاءُ فِي غَيْبَةِ الْقَائِمِ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ
عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ هَارُونَ بْنِ مُوسَى التَّلَّعُكْبَرِيِّ أَنَّ أَبَا عَلِيٍّ مُحَمَّدَ بْنَ هَمَّامٍ أَخْبَرَهُ بِهَذَا الدُّعَاءِ وَ ذَكَرَ أَنَّ الشَّيْخَ أَبَا عَمْرٍو الْعَمْرِيَّ قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ أَمْلَاهُ عَلَيْهِ وَ أَمَرَهُ أَنْ يَدْعُوَ بِهِ وَ هُوَ الدُّعَاءُ فِي غَيْبَةِ الْقَائِمِ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِم السَّلَامُ.
« اللَّهُمّ عَرَفَنِي نَفْسِك ، فَإِنَّك إنْ لَمْ تَعْرِفُنِي نَفْسِك لَمْ أَعْرِفْ رَسُولَك اللّهُمّ عَرَفَنِي رَسُولِك ، فَإِنَّك إنْ لَمْ تَعْرِفُنِي رَسُولِك لَمْ أَعْرِفْ حُجَّتُك ، اللَّهُمّ عَرَفَنِي حُجَّتُك فَإِنَّك إنْ لَمْ تَعْرِفُنِي حُجَّتُك ضَلَلْت عَنْ دِينِي ، اللَّهُمَّ لَا تُمِتْنِي مِيتَةَ الْجَاهِلِيَّةِ وَلَا تُزِغْ قَلْبِي بَعْدَ إذْ هَدَيْتنِي .
اللَّهُمَّ فَكَمَا هَدَيْتنِي بِوِلَايَة مِن فُرِضَت طَاعَتَهُ عَلَى مَنْ وَلَّاهُ أَمَرَك بَعْد رَسُولُكَ صَلَوَاتُكَ عَلَيْهِ وَآلِهِ ، حَتَّى وَالَيْت وَلَّاة أَمَرَك أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ وَعَلِيًّا وَمُحَمَّدًا وجعفرا وَمُوسَى وَعَلِيًّا وَمُحَمَّدًا وَعَلِيًّا وَالْحَسَن وَالْحُجَّة الْقَائِم الْمَهْدِيّ صَلَوَاتُكَ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ اللَّهُمّ فثبتني عَلَى دِينِك وَاسْتَعْمِلْنِي بِطَاعَتِك ، وَلَين قَلْبِي لِوَلِيّ أَمَرَك وَعَافِنِي مِمَّا اُمْتُحِنْت بِه خَلْقِك ، وثبتني عَلَى طَاعَةِ وَلِيّ أَمَرَك الَّذِي سَتَرَتْه عَنْ خَلْقِكَ ، فباذنك غَابَ عَنْ بَرِيَّتِك ، وَأَمْرُك يَنْتَظِر وَأَنْت الْعَالِم غَيْرَ مُعَلَّمٍ بِالْوَقْتِ الَّذِي فِيهِ صَلَاحُ أَمْرِ وَلِيَك فِي الْإِذْنِ لَهُ بِإِظْهَارِ أَمَرَه ، وَكَشَف سُتْرَةٌ ، وصبرني عَلَى ذَلِكَ حَتَّى لَا أُحِبُّ تَعْجِيلَ مَا أَخَّرْتَ ، وَلَا تَأْخِيرَ مَا عَجَّلْتَ ، وَلَا أكْشِف عَمَّا سَتَرَتْه ، وَلَا أبْحَث عَمَّا كتمته ، وَلَا انازعك فِي تَدْبِيرِكَ ، وَلَا أَقُولُ لَمْ وَكَيْفَ وَمَا بَالُ وَلِيُّ أَمْرٍ اللَّهُ لَا يَظْهَرُ وَقَدْ امْتَلَأَت الْأَرْضِ مِنْ الْجَوْرِ ؟
وَأُفَوِّض أُمُورِي كُلِّهَا إلَيْك . اللَّهُمَّ إنِّي أسئلك أَنْ تُرِيَنِي وَلِيّ أَمَرَك ظَاهِر نَافِذًا لِأَمْرِك ، مَع عِلْمِي بِأَنَّ لَكَ السُّلْطَان ، وَالْقُدْرَة وَالْبُرْهَانُ وَالْحُجَّةُ والمشية ، وَالْإِرَادَة وَالْحَوْل وَالْقُوَّة فَافْعَل ذَلِكَ بِي وَبِجَمِيع الْمُؤْمِنِينَ حَتَّى نَنْظُرَ إلَى وَلِيَك ظَاهِر الْمَقَالَة ، وَاضِحٌ الدَّلَالَة هَادِيًا مِنْ الضَّلَالَةِ ، شَافِيًا مِنْ الْجَهَالَةِ ، أَبْرَز يَا رَبِّ مُشَاهَدَة ، وَثَبَت قَوَاعِدِه واجْعَلْنَا مِمَّنْ تَقْرَبْنَا عيننا بِرُؤْيَتِه ، وَأَقَمْنَا بِخِدْمَتِه ، وتوفنا عَلَى مِلَّتِهِ ، وَاحْشُرْنَا فِي زُمْرَتِهِ .
اللَّهُمَّ أَعِذْهُ مِنْ شَرِّ جَمِيع ماخلقت وبرأت وذرأت وَأَنْشَأَت وَصَوّرْت وَاحْفَظْه مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفَهُ وَعَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ ، وَمِنْ فَوْقِهِ وَمِنْ تَحْتِهِ بِحِفْظِك الَّذِي لَا يَضِيعَ مَنْ حَفَظَتِهِ بِه ، وَأَحْفَظ فِيه رَسُولِك وَوَصِيّ رَسُولِك ، اللَّهُمّ وَمَدّ فِي عُمْرَةِ ، وَزِدْ فِي أَجَلِهِ ، وأعنه عَلَى مَا أَوْلَيْتُه واسترعيته وَزِدْ فِي كَرَامَتِك لَه ، فَإِنَّه الْهَادِي الْمَهْدِيّ الْقَائِم الْمُهْتَدِي الطَّاهِر التَّقِيِّ النَّقِيِّ الزَّكِيّ الرَّضِيّ الْمَرْضِيّ الصَّابِر الْمُجْتَهِد الشَّكُور .
اللَّهُمّ ولاتسلبنا الْيَقِين لِطُول الْأَمَد فِي غَيْبَةِ ، وَانْقِطَاع خَبَرُه عَنَّا ، وَلَا تَنْسَنَا ذَكَرَه وَانْتِظَاره وَالإِيمَانِ بِهِ ، وَقُوَّة الْيَقِينِ فِي ظُهُورِهِ ، وَالدُّعَاءِ لَهُ وَالصَّلَاةُ عَلَيْهِ ، حَتَّى لَا يقنطنا طُول غَيَّبْته مِنْ ظُهُورِهِ وَقِيَامِه ، وَيَكُون يقيننا فِي ذَلِكَ كيقيننا فِي قِيَامِ رَسُولِ اللَّهِ صلىاللهعليه وآله وَمَا جَاءَ بِهِ مِنْ وَحْيِكَ وتنزيلك ، قَوّ قُلُوبَنَا عَلَى الْإِيمَانِ بِهِ حَتَّى تُسْلَك بِنَا يَدِه مِنْهَاج الْهُدَى وَالْمَحَجَّة الْعُظْمَى وَالطَّرِيقَة الْوُسْطَى وقونا عَلَى طَاعَتِهِ ، وثبتنا عَلَى مشايعته ، وَاجْعَلْنَا فِي حِزْبِه وَأَعْوَانِه وَأَنْصَارِه ، والراغبين بِفِعْلِه ، وَلَا تسلبنا ذَلِكَ فِي حَيَاتِنَا وَلَا عِنْدَ وفاتنا حَتَّى تَوَفَّانَا وَنَحْنُ عَلَى ذَلِكَ ، غَيْر شَاكِّين وَلَا ناكثين ، ولامرتا بَيْن ولامكذبين .
اللَّهُمّ عَجَّل فَرْجَه ، وَأَيَّدَه بِالنَّصْر ، وَانْصُر نَاصِرِيه ، وَاخْذُل خاذليه ودمدم عَلَى مَنْ نَصْبِ لَهُ وَكَذَّبَ بِهِ ، وَأَظْهَر بِهِ الْحَقُّ وَأَمَّت بِه الْجَوْر ، وَاسْتَنْقَذ بِهِ عِبَادَكَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ الذُّلِّ ، وانعش بِهِ البِلادُ ، وَأُقْتَل بِه الْجَبَابِرَة الْكَفَرَة ، واقصم بِه رُؤُوس الضَّلَالَة ، وَذَلَّل بِه الْجَبَّارِين وَالْكَافِرِين ، وأبربه الْمُنَافِقِين وَالنَّاكِثِين وَجَمِيع الْمُخَالِفِين والمحلدين ، فِي مَشَارِقِ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا ، وبحرها وَبَرُهَا وَسَهْلِهَا وجبلها ، حَتَّى لَا تَدَعْ مِنْهُم دَيَّارًا ، وَلَا تُبْقِي لَهُم آثَارًا ، وَتَطْهُر مِنْهُم بِلَادِك . وَاشْف مِنْهُم صُدُور عِبَادِك ، وَجَدَّد بِهِ مَا اِمْتَحَى مِنْ دَيْنِكَ ، وَأَصْلَح بِهِ مَا بُدِّلَ مِنْ حُكْمِكَ ، وَغَيْرُ مَنْ سُنَّتِك ، حَتَّى يَعُودَ دِينِك بِهِ وَعَلَى يَدِهِ غَضًّا جَدِيدًا صَحِيحًا لَا عِوَجَ فِيهِ وَلَا بِدْعَةٍ مَعَه ، حَتَّى تُطْفِئ بِعَدْلِه نِيرَان الْكَافِرِين ، فَإِنَّه عَبْدُكَ الَّذِي استخلصته لِنَفْسِك ، وارتضيته لِنُصْرَة دِينِك ، واصطفيته بِعِلْمِك ، وَعِصْمَتِه مِنْ الذُّنُوبِ ، و برأته مِنْ الْعُيُوبِ ، وأطلعته عَلَى الْغُيُوب ، وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ ، وطهرته مِنْ الرِّجْسِ ونقيته مِنْ الدَّنَسِ . اللَّهُمَّ فَصَلِّ عَلَيْهِ وَعَلَى آبَائِهِ الْأَئِمَّة الطَّاهِرِين ، وَعَلَى شِيعَتُهُم المنتجبين وبلغهم مِن آمالهم أَفْضَلُ مِنْ يَأْمَلُون ، وَاجْعَل ذَلِكَ مِنَّا خَالِصًا مِنْ كُلِّ شَكٍّ وَشِبْهِه وَرِيَاء وَسَمِعَه ، حَتَّى لَا نُرِيدُ بِهِ غَيْرُك ، وَلَا نَطْلُبُ بِهِ إلَّا وَجْهَك . اللَّهُمَّ إنَّا نَشْكُو إلَيْكَ فَقَدْ نَبِيِّنَا ، وَغِيبَة وَلِينَا ، وَشِدَّة الزَّمَان عَلَيْنَا وَوُقُوع الْفِتَن [ بِنَا ] وَتَظَاهَر الْأَعْدَاء ، وَكَثْرَة عَدُوّنَا وَقِلَّة عَدَدُنَا ، اللَّهُمّ فَافْرِج ذَلِك بِفَتْح مِنْك تَعَجَّلَه ، وبصبر مِنْك تَيَسُّرِه ، وَإِمَام عَدْل تُظْهِرُه ، إلَهَ الْحَقِّ رَبِّ الْعَالَمِينَ .
اللَّهُمَّ إنَّا نَسْأَلُكَ أَنْ تَأْذَنَ لِوَلِيِّك فِي إظْهَارِ عَدْلِك فِي عِبَادِكَ ، وَقَتْل أَعْدَائِك فِي بِلَادِكَ ، حَتَّى لَا تَدَعْ للجَوْر دِعَامَة إلَّا قصمتها ، وَلَا بِنِيَّةِ إلا أَفْنَيْتهَا (2) وَلَا قُوَّةَ إلَّا أوهنتها ، وَلَا رُكْنًا إلَّا هددته ، ولاحدا إلَّا فللته ، وَلَا سِلَاحًا إلَّا كللته ولاراية إلَّا نكستها ، وَلَا شُجَاعًا إِلا قَتَلَتْهُ ، وَلَا حُبًّا (3) إلَّا خَذَلَتْه ، ارمهم يَا رَبِّ بحجرك الدامغ ، وَأَضْرِبُهُم بِسَيْفِك الْقَاطِع ، وببأسك الَّذِي لَا يَرِدُ عَنْ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِين وعذب أَعْدَاءَك وَأَعْدَاء دِينِك ، وَأَعْدَاء رَسُولِك بِيَد وَلِيَك ، وَأَيْدِي عِبَادِكَ الْمُؤْمِنِينَ .(2) فِي الْمَصْدَرِ : وَلَا بَقِيَّةُ . (3) فِي الْمَصْدَرِ : وَلَا جَيْشًا .
اللَّهُمّ أَكُفّ وَلِيَك وحجتك فِي أَرْضِك هَوْل عَدُوِّه ، وَكَدّ مِن كَادَه ، وَأَمْكَر بِمَن مكربه ، وَاجْعَل دَائِرَةُ السّوْءِ عَلَى مَنْ أرادبه ، سَوَاءٌ ، وَأَقْطَع عَنْه مادتهم وارعب بِهِ قُلُوبُهُمْ ، وَزَلْزِل لَه أَقْدَامِهِم وخذهم جَهْرَة وبغتة ، شَدَّدَ عَلَيْهِمْ عِقَابِك واخزهم فِي عِبَادِكَ ، وَالْعَنْهُم فِي بِلَادِكَ ، وَأَسْكَنَهُم أَسْفَل نَارِك ، وأحط بِهِم أَشَدّ عَذَابَك وأصلهم نَارًا ، وَاحْش قُبُور مَوْتَاهُم نَارًا .
اللَّهُمَّ ولاتجعلنا مِن خُصَمَاء آلِ مُحَمَّدٍ وَلَا تَجْعَلْنَا مِنْ أَعْدَاءٍ آلِ مُحَمَّدٍ وَلَا تجعلنى مِنْ أَهْلِ الْحَنَقِ وَالْغَيْظِ عَلَى آلِ مُحَمَّدٍ فَإِنِّى أعوذبك مِنْ ذَلِكَ فَأَعِذْنِي وأستجير بِك فَأْجُرْنِي اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَاجْعَلْنِي بِهِم فَائِزًا عِنْدَك فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمِنْ الْمُقَرَّبِينَ .
اكمال الدين ج 2 ص 190.