قصة الشاب المذنب - ووجوب اخلاص التوبة - انما المؤمنون اخوة -->
انما المؤمنون اخوة انما المؤمنون اخوة
test banner

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

قصة الشاب المذنب - ووجوب اخلاص التوبة

 وجوب اخلاص التوبة

عن عبد الرحمان بن غنم الدوسي قال : دخل معاذ بن جبل على رسول الله (صلّى الله عليه وآله) باكياً ، فسلم فردّ عليه السلام ثم قال : «ما يبكيك يا معاذ؟» فقال : يا رسول الله ، إنّ بالباب شاباً طري الجسد نقي اللون حسن الصورة ، يبكي على شبابه بكاء الثكلى على ولدها ، يريد الدخول عليك ، فقال النبي (صلّى الله عليه وآله) : «ادخل عليّ الشاب يا معاذ» فأدخله عليه ، فسلم على النبي (صلى الله عليه وآله) فردّ (عليه السلام) ، ثم قال : «ما يبكيك يا شاب؟» قال : وكيف لا أبكي وقد ركبت ذنوباً ، إن أخذني الله عزّ وجلّ ببعضها أدخلني نار جهنم ، ولا أراني إلّا سيأخذني بها ولا يغفر لي أبداً ، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) :
 «هل أشركت بالله شيئا؟» قال : أعوذ بالله أن أشرك بربي شيئاً ، قال : «أقتلت النفس التي حرم الله؟» قال : لا ، فقال النبي (صلى الله عليه وآله) : «يغفر الله لك ذنوبك ، وإن كانت مثل الجبال الرواسي» قال الشاب : فإنّها أعظم من الجبال الرواسي ، فقال النبي (صلّى الله عليه وآله) : «يغفر الله لك ذنوبك وإن كانت مثل الأرضين السبع ، وبحارها ورمالها وأشجارها ، وما فيها من الخلق» (فقال : إنّها أعظم من الأرضين السبع ، وبحارها ورمالها وأشجارها ، وما فيها من الخلق) [1] فقال النبي (صلّى الله عليه وآله) : «يغفر الله لك ذنوبك وإن كانت مثل السماوات ونجومها ، ومثل العرش والكرسي» قال : فإنّها أعظم من ذلك.

قال : فنظر النبي (صلّى الله عليه وآله) كهيئة الغضبان ، ثم قال : «ويحك يا شاب ، ذنوبك أعظم أم ربّك!؟» فخر الشاب لوجهه وهو يقول : سبحان [2] ربي ، ما شيء أعظم من ربي ، ربي أعظم يا نبي الله من كل عظيم ، فقال النبي (صلّى الله عليه وآله) : «فهل يغفر الذنب العظيم إلا الرب العظيم!؟» قال الشاب : لا والله يا رسول الله ، ثم سكت الشاب ، فقال له النبي (صلّى الله عليه وآله) : «ويحك يا شاب ، أتخبرني بذنب واحد من ذنوبك؟».

قال : بلى أخبرك ، إنّي كنت أنبش القبور [3] سبع سنين ، أُخرج الأموات وأنزع الأكفان ، فماتت جارية من بعض بنات الأنصار ،
فلما حملت إلى قبرها ودفنت ، وانصرف عنها أهلها ، وجنّ عليهم الليل ، أتيت قبرها فنبشتها ، ثم استخرجتها ونزعت ما كان عليها من أكفانها ، وتركتها مجردة [4] على شفير قبرها ومضيت منصرفاً ، فأتاني الشيطان فأقبل يزينها لي ، ويقول أما ترى بطنها وبياضها! أما ترى وركيها! فلم يزل يقول لي هذا حتى رجعت إليها ، ولم أملك نفسي حتّى جامعتها ، وتركتها مكانها ، فإذا أنا بصوت من ورائي يقول : يا شاب ويل لك من ديان يوم الدين ، يوم يقفني وإيّاك ، كما تركتني عريانة في عساكر الموتى ، ونزعتني من حفرتي ، وسلبتني أكفاني ، وتركتني أقوم جنبة إلى حسابي ، فويل لشبابك [5] من النار ، فما أظن أني أشم ريح الجنّة أبداً ، فما ترى لي رسول الله؟.

فقال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) : «تنح عني يا فاسق ، إني أخاف أن احترق بنارك ، فما أقربك من النار!» ثم لم يزل (صلّى الله عليه وآله) ، يقول ويشير إليه ، حتّى أمعن من بين يديه.

فذهب فأتى المدينة فتزود منها ، ثم أتى بعض جبالها فتعبّد فيها ، ولبس مسحاً [6] وغل يديه جميعاً إلى عنقه ، ونادى : يا ربّ هذا عبدك بهلول بين يديك مغلول ، يا رب أنت الذي تعرفني ، وزل منّي ما تعلم سيدي ، يا ربّ أني أصبحت من النادمين ، وأتيت نبيك تائباً فطردني وزادني خوفاً ، فأسألك باسمك وجلالك وعظمة سلطانك ، أن لا تخيب رجائي يا سيدي ولا تبطل دعائي ، ولا تقنطني من رحمتك ، فلم يزل يقول ذلك أربعين يوماً وليلة ، تبكي له السباع والوحوش ، فلمّا تمت له أربعون يوماً وليلة ، رفع يديه إلى السماء.

وقال : اللّهم ما فعلت في حاجتي؟ إن كنت استجبت دعائي وغفرت خطيئتي ، فأوح إلى نبيّك ، وإن لم تستجب لي دعائي ولم تغفر لي خطيئتي ، واردت عقوبتي ، فعجل بنار تحرقني ، أو عقوبة في الدنيا تهلكني ، وخلصني من فضيحة يوم القيامة ، فأنزل الله تبارك وتعالى على نبيه (صلّى الله عليه وآله) : (وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً ) [7] يعني الزنى (أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ) [8] يعني بارتكاب ذنب أعظم من الزنا ونبش القبور وأخذ الأكفان (ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ) [9] يقول : خافوا الله فعجلوا التوبة ، (وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ ) [10].
يقول عزّ وجلّ : أتاك عبدي يا محمّد تائباً فطردته ، فأين يذهب ، وإلى من يقصد ، ومن يسأل أن يغفر له ذنباً غيري؟ ثم قال عزّ وجلّ : (وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ) [11] يقول : لم يقيموا على الزنى ونبش القبور وأخذ الأكفان (أُولَٰئِكَ جَزَاؤُهُم مَّغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ ) [12].

فلمّا نزلت هذه الآية على رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ، خرج وهو يتلوها وهو [13] يتبسم ، فقال لأصحابه : «من يدلني على ذلك الشاب التائب؟» فقال معاذ : يا رسول الله ، بلغنا أنّه في موضع كذا وكذا ، فمضى رسول الله (صلّى الله عليه وآله) بأصحابه ، حتّى انتهوا إلى ذلك الجبل فصعدوا إليه يطلبون الشاب.

فإذا هم بالشاب قائم بين صخرتين ، مغلولة يداه إلى عنقه ، قد اسود وجهه ، وتساقطت أشفار عينيه من البكاء ، وهو يقول : يا سيدي قد أحسنت خلقي ، وأحسنت صورتي ، فليت شعري ماذا تريد بي؟ أفي النار تحرقني؟ أو في جوارك تسكنني؟ اللّهم إنّك قد أكثرت الإحسان إليّ فأنعمت [14] عليّ ، فليت شعري ماذا يكون آخر أمري؟ إلى الجنّة تزفني؟ أم إلى النار تسوقني؟ اللّهم إنّ خطيئتي أعظم من السماوات والأرض ، ومن كرسيك الواسع ، وعرشك العظيم ، فليت شعري تغفر خطيئتي أم تفضحني بها يوم القيامة؟ فلم يزل يقول نحو هذا وهو يبكي ويحثو التراب على رأسه ، وقد أحاطت به السباع وصفت فوقه الطير ، وهم يبكون لبكائه.

فدنا رسول الله (صلّى الله عليه وآله) فأطلق يديه من عنقه ، ونفض التراب عن رأسه ، وقال : «يا بهلول أبشر ، فإنّك عتيق الله من النار» ثم قال (صلّى الله عليه وآله) لأصحابه : «هكذا تداركوا الذنوب كما تداركها [15] بهلول» ثم تلا عليه ما أنزل الله عزّ وجلّ فيه وبشره بالجنة.أمالي الصدوق ص 45.

[1] ما بين القوسين ليس في المصدر.
[2] في المصدر زيادة : «الله».
[3] كان في الطبعة الحجرية : «القبر» ، وما أثبتناه من المصدر.
[4] في المصدر : «متجردة».
[5] كان في الحجرية : «لك لشبابك» ، وما أثبتناه من المصدر.
[6] مسحاً : المسح : كساء خشن من شعر يلبسه الرهبان والزهاد. لسان العرب ج 2 ص 596.
(7 ، 8 ، 9 ، 10 ، 11) آل عمران 3 : 135.
[12] آل عمران 3 : 136.
[13] ليس في المصدر.
[14] في المصدر : وأنعمت.
[15] كان في الحجرية : تداركه ، وما أثبتناه من المصدر.


التعليقات



إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

عن الموقع

author انما المؤمنون اخوة  إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون تعليل لإقامة الإصلاح بين المؤمنين إذا استشرى الحال بينهم فالجملة موقعها موقع العلة وقد بني هذا التعليل ...

معرفة المزيد ←

زوار المدونة

احصاءات المدونة

جميع الحقوق محفوظة

انما المؤمنون اخوة

2020