من معجزاته صلى الله عليه وآله في غزوة أحد
إن الاسارى هم قومك وقد قتلنا منهم سبعين فأطلق لنا أن نأخذ الفداء من الاسارى والغنائم فنقوى(1) بها على جهادنا ، فأوحى الله إليه : إن لم تقتلوا يقتل منكم في العام المقبل في مثل هذا اليوم عدد الاسارى ، فأنزل الله « (مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَكُونَ لَهُ أَسْرَىٰ حَتَّىٰ يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ ۚ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا )(2) » فلما كان في العام المقبل وقتل من المسلمين سبعون بعدد الاسارى (3) قالوا : يا رسول الله قد وعدتنا النصر فما هذا الذي وقع بنا؟ ونسوا الشرط ببدر فأنزل الله : « أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا » يعني ما كانوا أصابوا من قريش ببدر وقبلوا الفداء من الاسرى «قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ » يعني بالشرط الذي شرطوه على انفسهم ان يقتل منهم بعدد الاسارى إذا هو أطلق لهم الفداء منهم والغنائم ، فكان الحال في ذلك على حكم الشرط ، ولما انكشفت الحرب يوم أحد سار(4) أولياء المقتولين ليحملوا قتلاهم إلى المدينة فشدوهم على الجمال ، وكانوا إذا توجهوا بهم نحو المدينة بركت الجمال ، وإذا توجهوا بهم نحو المعركة أسرعت ، فشكوا الحال إلى رسول الله (صلىاللهعليه وآله) فقال : ألم تسمعوا قول الله : « قُل لَّوْ كُنتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَىٰ مَضَاجِعِهِمْ ۖ(5) » فدفن كل رجلين في قبر إلا حمزة فإنه دفن وحده .
وكان أصاب عليا عليه السلام في حرب أحد أربعون جراحة ، فأخذ رسول الله (صلىاللهعليه وآله) الماء على فمه فرشه على الجراحات ، فكأنها لم تكن من وقتها .
وكان أصاب عين قتادة (6) سهم من المشركين فسالت الحدقة ، فأمسكها النبي صلىاللهعليه وآله بيده فعادت كأحسن ما كانت.
ومنها :
أن عليا عليه السلام قال : انقطع سيفي يوم أحد فرجعت إلى رسول الله (صلىاللهعليه وآله) فقلت : إن المرأ يقاتل بسيفه ، وقد انقطع سيفي ، فنظر إلى جريدة نخل عتيقة يابسة مطروحة فأخذها بيده ، ثم هزها فصارت سيفه ذا الفقار فناولنيه ، فما ضربت به أحدا إلا وقده بنصفين.
ومنها :
أن جابرا قال : كان النبي صلىاللهعليه وآله بمكة ورجل من قريش يربي(7) مهرا ، كان إذا لقى محمدا والمهر معه يقول : يامحمد على هذا المهر أقتلك ، قال النبي صلىاللهعليهوآله : أقتلك عليه ، قال : بل أقتلك. فوافى أحدا فأخذ النبي (صلىاللهعليه وآله) حربة رجل وخلع سنانه ورمى به فضربها على عنقه ، فقال : النار النار ، وسقط ميتا.
ومنها :
أن رسول الله صلىاللهعليه وآله انتهى إلى رجل قد فوق سهما ليرمي بعض المشركين فوضع صلىاللهعليه وآله يده فوق السهم وقال :
ارمه(8) ، فرمى ذلك المشرك به فهرب المشرك من السهم ، وجعل يروغ من السهم يمنة ويسرة ، والسهم يتبعه حيثما راغ حتى سقط السهم في رأسه ، فسقط المشرك ميتا. فأنزل الله « فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ ۚ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ رَمَىٰ »(9).
وكان أبوغرة(10) الشاعر حضر مع قريش يوم بدر [ و ] يحرض قريشا بشعره على القتال ، فأسر في السبعين الذين أسروا ، فلما وقع الفداء على القوم قال أبوغرة(11) : يا أبا القاسم تعلم أني رجل فقير فامنن على بناتي ، فقال : أطلقك(12) بغير فداء ألا تكثر علينا بعدها ، قال : لا والله ، فعاهده على أن لا يعود ، فلما كان حرب أحد دعته قريش إلى الخروج معها ليحرض الناس بشعره على القتال ، فقال إني عاهدت محمدا أن لا أكثر عليه بعد ما من علي ، قالوا : ليس هذا من ذلك ، إن محمدا لا يسلم منا في هذه الدفعة ، فغلبوه على رأيه (13) ، فلم يؤسر يوم أحد من قريش غيره ، فقال رسول الله ( صلىاللهعليه وآله) : ألم تعاهدني؟ قال : إنهم (14) غلبوني على رأيي فامنن على بناتي ، قال : « لا ، تمشي بمكة وتحرك كتفيك وتقول : سخرت من محمد مرتين » [ قال رسول الله ( صلىاللهعليه وآله) ] : « المؤمن لا يلسع من حجر مرتين » ياعلي اضرب عنقه (15).الخرائج والجرائح:ج 1 ص 147.
(2) الانفال 8: 67.
(3) عدد خ ل.
(4) ساروا خ ل.
(5) آل عمران 3: 154.
(6) عم قتادة خ ل. أقول : الصواب ما في المتن وهو قتادة بن النعمان.
(7) كان يربى خ ل. أقول : المهر : ولد الفرس. والرجل هو ابى بن خلف. وقد تقدم خبره.
(8) ارم خ ل.
(9) الانفال 8: 17.
(10 و 11) هكذا في النسخ ، والصحيح : ابوعزة. وقد تقدم.
(12) ان اطلقك خ ل.
(13) فخرج يسير في تهامة ويدعو بنى كنانة ويقول :
(14) انما غلبونى خ ل.
(15) لم نجد الحديث في الخرائج ، وقد ذكرنا سابقا أن الخرائج المطبوع كأنه مختصر من الخرائج.